تعميم /114/
بسم الله الرَّحمن الرَّحيم
قال تعالى: {وَلاَ تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لاَ تَشْعُرُونَ . وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنْ الأَمْوالِ وَالأَنفُسِِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرْ الصَّابِرِينَ . الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ . أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُهْتَدُونَ }(البقرة 154-157).
وقال تعالى: { مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا }(المائدة/32).
( إنَّ العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإنَّا على فراق شهداء العلم أطفال المدارس لمحزونون)
لا زالت يد البغي والإجرام والعدوان والإرهاب التكفيري تلطِّخ أيديها بالدَِّماء يوماً بعد يوم، بل تزيد في طغيانها، وتًمعِن في حقدها على هذا البلد وأبنائه.
فها هي الجماعات الإرهابية المسلحة، مما يسمى (داعش، وجبهة النصرة، وغيرها) تعتدي على تجمُّع مدارس أبنائنا الطلبة الأطفال في حي عكرمة بمدينة حمص من خلال تفجيرات إرهابية إنتحارية، وذلك يوم الأربعاء 1/10/2014 حيث ذهب ضحية هذه الأعمال الإرهابية التكفيرية أكثر من (32) شهيداً من أبنائنا الأطفال الأبرياء، بالإضافة إلى أكثر من (115) جريحاً معظمهم من الأطفال، وبينهم حالات كثيرة حرجة.
هؤلاء الأطفال الأبرياء الذين قضوا إلى لقاء ربهم عز وجل كانوا ينتظرون فرحة العيد وأيامه، ويستعدون مع أسرهم للفرحة الكبرى بعيد الأضحى المبارك، يتهيؤون للسرور والفرح واللعب بألعاب العيد، والتمتع بزينته في حدائقهم ومتنزهاتهم، محاولين لمَّ الجراح والأحزان التي تملاً القلوب تجاه شهداء الوطن الأبرار الذين بذلوا دمائهم رخيصة في سبيل رفعة كلمة الوطن عالياً.
لقد حَرَمَت هذه الجماعات - التي لا تمت إلى الإسلام بصلة أبناء وأسر وأطفال سورية عامة فرحة العيد، وحوَّلته إلى أيام حزن وجراح عميقة ومواساة لأهالي وأسر الشهداء الأطفال الضحايا والجرحى.
هذه التفجيرات الانتحارية الإرهابية التي تستهدف أماكن العلم والنُّور يريدون من خلاله أن يؤكِّدوا مرَّة تِلوَ المرَّة ما يسعون إليه من رغبة جامحة لشفاء غليلهم وحقدهم باعتداءات على المدارس والمشافي والمرافق الحيوية والمنشئات العامة وغيرها، غير مبالين بالنتائج الآثمة المدمرة، وإراقة الدماء البريئة التي حرَّمها الله تعالى في كتابه الكريم.
وإن هذه الجرائم الانتحارية والتي تأتي ضمن ما تمر به بلادنا أراد أصحابها أن يعبِّروا عن مدى حقدهم الدفين تجاه أبناء هذا الوطن، وإن الإسلام الذي يتقنَّعون كذباً وبُهتاناً مدنِّسين طهارته ونقاءه بكل ما أمكنهم من أعمال الامتهان والتَّدنيس والإجرام والإرهاب، إنما هو تعبير واقعي عن حقدهم الحقيقي وسعيهم لتنفيذ مخطَّطات أسيادهم من ظلمة وطغاة الأرض.
إنَّ وزارة الأوقاف والقائمين بالشعائر الدينية فيها، ومؤسساتها الدينية والدَّعويَّة تُدين وتُجرِّم هذه الاعتداءات الإجرامية الآثمة التي تستقبحها وتجرِّمها الشرائع السماوية والمبادئ الإنسانيةجميعاً، والتي يتنافى مع الدين، والفطرة السليمة، والعقل والمنطق.
وتهيب بالسادة خطباء المنابر وخطباء عيد الأضحى المبارك أن يبيِّنوا للناس من خلال خطبة الجمعة الموافق لـ 3/10/2014م وخطبة عيد الأضحى موقف الإسلام الصحيح من هذه الأعمال التكفيرية الآثمة، وأبعادها على الأمة والوطن والدين، وكيف أن هذه الأعمال سلبت فرحة العيد من أسرنا وأبنائنا وأطفالنا وحوَّلت أيام العيد إلى أيام مواساة وتضحية في سبيل الوطن الغالي.
وهنا ليس لنا إلا الالتجاء إلى الله سبحانه أن يكشف عنّا الغُمَّة، ويُفَرِّج عنا الكَرب، عاجلاً غير آجل، قال تعالى {وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللَّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ . إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ} (النحل : 127/128). وقال أيضاً : {وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ } (لقمان/17).
دمشق في 8 ذي الحجة 1435هـ الموافق 2/10/2014م
رحم الله شهداء الوطن، و{إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}
وزيرالأوقاف
د. محمد عبد الستار السيد
- المشاهدات: 6