التقى السيد الرئيس بشار الأسد وفدا من علماء الشافعية والحنفية من المحافظات والأقاليم في إيران برئاسة مستشار الرئيس الإيراني لشؤون القوميات المتعددة عبد السلام كريمي، وبحضور وزير الأوقاف الشيخ د. محمد عبدالستار السيد وسفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في سورية
وأكد الرئيس الأسد خلال حديثه مع أعضاء الوفد أن هذه الزيارة تكتسب أهمية كبيرة لأنها تدخل في إطار الحوار المشترك بين علماء الدين في سورية وإيران، معتبراً أن هناك مبادئ هامة وأساسية في الدين وأحد أهم هذه المبادئ هي الشورى لأننا لا نستطيع أن نحمل رسالة إلهية بعقل مفرد، بل يجب أن نتشاور ونتحاور كي نستطيع حمل هذه الرسالة والنهوض بها بالشكل الصحيح والسليم، ونوه سيادته الى التنوع الموجود على الساحة الاسلامية لأن التنوع هو دائماً مصدر غنى ولكن هذا الغنى يتحول الى نقمة عندما لا نتحاور.
واعتبر الرئيس الأسد أن الشريعة أنزلت من الله علينا لكي نستثمرها لخير المجتمع وصالحه ولكننا في العالم الاسلامي لم نعرف كيف نستثمرها، وبالتالي يجب علينا كمسلمين أن نتحاور وأن نفكر أين أخطأنا وأين أصبنا وأن نقوم بتحليل اللعبة الغربية والمصطلحات والممارسات التي أدخلوها الى مجتمعاتنا تحت عنوان "الليبرالية الحديثة" بهدف تفكيك المجتمع وبالتالي سهولة السيطرة عليه.
وقال سيادته أننا كمسلمين لم نفعل شيئاً إزاء هذا الاستهداف وما زلنا منقسمين بالرغم من أننا كلنا لدينا مرجعية واحدة، فالاجتهادات ممكنة وواجبة ولكن المرجعية هي واحدة ( إله واحد - قرآن واحد - نبي واحد ) وعلماء الدين عليهم مسؤولية كبيرة في هذا الإطار للعمل من أجل مواجهة هذا الاستهداف، مؤكداً على أهمية أن تكون هذه الزيارات المتبادلة بين وفود علماء الدين من سورية وإيران بشكل متكرر بهدف الحوار حول نقاط الضعف الموجودة في المجتمعات في كلا البلدين وفي العالم الإسلامي.
واعتبر الرئيس الأسد أنه لا يمكن أن يكون هناك مقاومة إن لم يكن المجتمع مستقراً ومتماسكاً، ولا يمكن أن يكون المجتمع مستقراً من دون العقيدة، لذلك فإن الغرب عندما أراد أن يحتل عقولنا دخل على موضوع الدين، وهو يحاول الآن دعم التطرف القومي والتطرف الديني في العالم لأن الأول يدمر سياسياً والثاني يدمر اجتماعياً والنتيجة واحدة هي تخريب الدول والمجتمعات.
وقال الرئيس الأسد أننا في سورية حاربنا التطرف بدعم المؤسسات الدينية ، حيث أن مواجهة التطرف بحاجة للدين ولكن بشرط أن نفهم الدين الصحيح ، مشيراً الى أننا في سورية ركزنا على كثير من العناصر في مواجهة التطرف، والتفسير الصحيح للقرآن الكريم وللأحاديث النبوية الشريفة كان واحداً من العناصر، مشيراً الى أن العالم الإسلامي لديه نقطة ضعف كبيرة وهي عدم فهم تاريخ الإسلام وعدم فهم سيرة الرسول الكريم وعدم فهم معاني القرآن الكريم بالشكل الصحيح والعميق وبالتالي حولنا الدين الى قشور، وعندما يتحول الدين الى قشور دون جوهر فإن أي فكر دخيل أو متطرف يسهل عليه الدخول تحت عنوان الدين، وهذا ما حصل في بعض المجتمعات التي بدلاً من أن يقوم الدين بتطويرها جعلوا الدين متخلفاً بممارساتهم.
واعتبر سيادته أن المجتمع هو التربة والدين هو الشجرة التي تعطينا الثمار، والمجتمع في بلاد الشام هو مجتمع منفتح لأنه كان مهداً للكثير من الحضارات، كذلك إيران والعراق ومصر ضمت أقدم الحضارات في العالم، ولذلك فإن هذه الدول بإرثها التاريخي تحمل مسؤولية تختلف عن باقي الدول الاسلامية من أجل استقرار العالم الإسلامي، مؤكداً أننا من دون عقيدة لا يمكن أن نستقر كبشر وكل مجتمع لا يوجد لديه عقيدة ولو تطور هو مجتمع غير مستقر.
رئيس الوفد السيد كريمي عبر عن سعادته وأعضاء الوفد بزيارة سورية ولقاء علماء الدين فيها ، وأكد على أهمية الزيارات المتبادلة بين الطرفين السوري والإيراني ، لتمتين علاقات الإيمان والفكر والأخوة بين علماء الجمهورية الإسلامية الإيرانية وعلماء سورية، مشيراً الى أن الشعب السوري يقوم بمقاومة الأعداء الخارجيين وهم الأمريكيون والصهاينة، والأعداء الداخليين مثل جماعات داعش و جبهة النصرة الذين يحاربون باسم الدين ولكن الإسلام منهم براء.
وأشار أعضاء الوفد الى أن سورية ليست فقط بلد مواجهة عسكرية مع الدول التي تريد الهيمنة، بل هي بلد مواجهة فكرية هامة ومؤثرة، وأصبحت من أهم بلدان العالم في مواجهة التطرف والغلو على الصعيد الفكري الإيماني من خلال مؤسساتها ومركزها وعلمائها، معتبرين أن التجربة السورية الرائدة في مواجهة الأفكار المتطرفة مع التمسك بالثوابت الإيمانية والأصالة العقائدية، هي تجربة تستحق أن يستفيد منها العالم أجمع.
وأكد أعضاء الوفد أن هذه الزيارة لعلماء الشافعية والحنفية في المحافظات والأقاليم الإيرانية وما سبقها من زيارات هي استكمال للعلاقة الايرانية السورية والتي وقفت وثبتت وصمدت واستمرت في وجه الكثير من الصعوبات ومحاولات التفريق.
- المشاهدات: 156