سيادة الرئيس بشار الأسد
رئيس الجمهورية
في هذه الأيام الفضيلة تحتفل الأمة العربية والإسلامية بعيد الأضحى المبارك الذي يعتبر من خصائصها ومن شعائر الدين الظاهرة؛ وإن احتفال شعبنا بعيد الأضحى المبارك هو إحياء لشعيرة إسلامية لقوله سبحانه وتعالى: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)(الحج:32). فلا تثنيه المؤامرات على مقدراته ووجوده من إحياء هذه الشعيرة وتعظيمها، ولا يمنعه القرار المجحف من محور التآمر على سورية من الذين باعوا ضمائرهم للأعداء المتربصين بشعبنا من خلال تعمد حكومة آل سعود للسنة الثالثة على التوالي عدم الالتزام بواجبها الشرعي تجاه حجاج بيت الله الحرام من المسلمين السوريين من الاحتفال بعيد الأضحى المبارك والابتهال إلى الله سبحانه وتعالى في هذه الأيام الفضيلة أن ينصر سورية حكومة وشعبا على أعدائها وأن يعيد الأمل والبسمة لشعبها وأن يدحر الإرهابيين والتكفيريين إلى غير رجعة.
وإن من مغزى العيد الاجتماعي والإنساني هو ما يضفيه على القلوب من أنس وعلى النفوس من بهجة وعلى الأجسام من راحة، وهو ما تدعو إليه سورية للتصالح مع أبنائها المغرر بهم والذي يؤدي إلى تجديد أواصر الحب بين فئاتها، والتراحم بين الأقرباء، والتعاون بين الناس جميعاً.. ففي العيد تتقارب القلوب على الود، وتجتمع على الألفة، وفي العيد يتناسى ذوو النفوس الطيبة أضغانهم، فيجتمعون بعد افتراق ويتصافون بعد كدر، ويتصافحون بعد انقباض، وفي ذلك كله تجديد للصلة الاجتماعية بين الناس على أقوى ما تكون حباً ووفاءً وإخاءً، وفي العيد من المغزى الاجتماعي تذكير للمجتمع بحق الضعفاء والعاجزين، حتى تشمل الفرحة بالعيد كل بيت، وتعم النعمة كل أسرة، وإلى هذا المغزى الاجتماعي العظيم يرمز نحر الأضاحي في عيد الأضحى، فإن تقديم ذلك في يوم النحر إطلاقاً للأيادي الخيرة في مجال الخير، فلا تشرق شمس العيد إلا والبسمة تعلو شفاه الناس جميعاً، والبهجة تغمر قلوب أبناء المجتمع قاطبة، أما المعنى الإنساني في العيد فهو أن يُشرِكَ أعداداً لا حصر لها بالفرح والسرور في وقت واحد، فإذا بالإنسانية تلتقي على الشعور بالغبطة، وإذا بأبناء الأمة الواحدة على اختلاف مشاربهم يشتركون في السراء كما يشتركون بالضراء، ففي العيد تقوية للروابط الفكرية والروحية التي يعقدها الدين بين أبنائه.. فالأعياد كانت مظهراً واضحاً لهذه المعاني في كل مجتمع، ومن أراد معرفة أخلاق الأمـة في أعيادهـا؛ نجد أن السجايا تنطلـق فيها على فطرتها، وتبـرز العـواطف والميـول والعـادات على حقيقتها، والمجتمع السعيد هو الذي تسمو أخلاقه الاجتماعية في العيد إلى أرفـع ذروة، ويمـتد شعـوره الإنسـاني إلى أبعـد مدى، وذلـك حـين يبـدو في العيـد متماسكاً متعاوناً متراحماً حتى ليخفق فيه كل قلب بالحب والبر والود، ويذكر فيه أبناؤه مصائب إخوانهم حين تنزل بهم الكوارث والنكبات والمحن.
سيادة الرئيس..
بهذه المناسبة الكريمة التي يحتفل بها العالم الإسلامي بعيد الأضحى المبارك، يشرفني أن أرفع لسيادتكم باسمي وباسم السادة العلماء وأرباب الشعائر الدينية والعاملين في وزارة الأوقاف ومؤسساتها الدينية أسمى آيات التهاني والتبريك وأخلص معاني الوفاء والولاء، مجددين العهد لسيادتكم أن نكون أهلاً لحمل الأمانة التي أوليتمونا إياها، وأن نتحمل مسؤولياتنا على مستوى الوطن وأن نكرس الأخلاق والمبادئ بالشكل والمضمون، وأن نعلّم الإسلام بشكله الصحيح كما أنزله سبحانه وتعالى، متمسكين بعروبتنا وبوسطية إسلامنا، مدافعين عن قيم الدين الحنيف وحقوق أمتنا ومقدساتها، متأصلين بوحدتنا الوطنية التي رسختم جذورها، واثقين أن الله لن يخذل شعبنا، وأن المؤامرة التي حيكت خيوطها لدى الكيان الصهيوني والولايات المتحدة الأمريكية ومن لف لفهم من دول الغرب والعثمانيين الجدد، ومن قدم لهم الأفكار التكفيرية والوهابية وزود العصابات المسلحة والمرتزقة وأزلامهم بالمال والسلاح من دول العربان في طريقها إلى الاندحار والزوال بفضل إيمان شعبنا وصموده، سائلين الله سبحانه أن يكلأكم بعنايته ورعايته وأنتم تقودون شعبكم إلى ذرى المجد وتنتصرون لحقوق أمتكم ومقدساتها، والرحمة على شهدائنا الأبرار الذين قضوا وهم يدافعون عن ثرى الوطن، ويمحقون عصابات الغدر والخيانة.
بوركت يا سيادة الرئيس انجازاتكم المثمرة وبوركت قراراتكم الصائبة وخطواتكم الثابتة ووفقكم الله إلى ما فيه خير أمتنا وشعبنا إنه تعالى أكرم مسؤول.دمشق في 30 / 12 /1435هـ الموافق لـ 3 /10/2014م.
وزير الأوقاف
د. محمد عبد الستار السيد
- المشاهدات: 10