أفضل الناس عند الله من اتقاه
بحضور السيد الرئيس بشار الأسد رئيس الجمهورية كلمة الدكتور محمد عبد الستار السيد وزير الأوقاف بمناسبة عيد المولد النبوي في جامع الحمد بدمشق يوم الأحد 11/3/1435هـ -12/1/2014م
}بسم الله الرحمن الرحيم{
قال تعالى في كتابه الكريم:
{الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالاَتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلاَ يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلاَّ اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا}{مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا}{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً}{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنْ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا}{تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلاَمٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا}{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنْ اللَّهِ فَضْلاً كَبِيرًا}.
وقال تعالى:
{لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}.
وقال جل شأنه:
{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ إِنَّ فِي هَذَا لَبَلاَغًا لِقَوْمٍ عَابِدِينَ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ}.
وقال جل جلاله:
{وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ}.
وقال سبحانه:
{إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} {إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمْ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا}{وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا}.
سيدي رسول الله :
عليك من ربك صلوات وتحيات بقدر ما أخلصت له وفنيت في الدعوة إليه وبقدر ما نافحت عن الحق واحتملت في سبيله من إيذاء وعنت وجهدٍ ومشقة، عليك صلوات الله وتحياته وسلامه وبركاته.
سيدي رسول الله:
كلما ذكرنا اسمك الكريم شع منه على الكائنات ضياء، فعم الأنحاء والأرجاء وهدى الضالين إلى صراط سواء، نذكرك ونحن نتمثلك في خواطرنا ونرسمك أمام نواظرنا فتمتلئ نفوسنا إيماناً ويقيناً بأن من كان الله معه كفاه شر عداه وأناله مبتغاه ومتمناه، فيتجدد العزم في قلوبنا ويصغر كل شيء في عيوننا فنفنى في الحق ونتمسك بالصدق حتى يكتب الله لنا الشهادة أو النصر.
سيدي رسول الله محمد بن عبد الله:
كلما طالعنا سيرتك العطرة وخلالك الصيبة النضرة ذكرنا أنك لم تيأس من روح الله أبداً ولم تتخذ سواه عوناً ولا عضداً وسرت في طريقك لا تميل ولا تحيد حتى تبلغ الغاية أو تفنى دونَ ما تريد.
كلما ذكرنا ذلك كله انبعث في جوانحنا الرجاء وأصبحنا أقوياء أشداء فلا يعترينا يأس ولا إحجام، ولا ينالنا خورٌ ولا استسلام، بل نمضي في طريقنا الحق حجتنا ورضا الله أملنا ونصر الله زادنا وله انتصارنا.
فالحمد لله الذي خلق محمداً واجتباه.
وأرسله رحمة للعالمين مهداة حتى فتح عقول الجفاة.
وهدى به قلوب القساة فجعل ملوك الأرض رعاة الشاة.
وأيده بقرآن يضيئ الطريق لمن تاه.
وجعل الحكمة والرحمة نظمه ومعناه.
نزل به جبريل وأنطق به فاه.
فانقادت لقرآنه القلوب وسجدت لعظمته الجباه.
به عرَّف الإنسان بمن خلقه وسواه.
وأرشده إلى أن يحب أخاه فيحفظه ويرعاه.
وحمى به حرية الاعتقاد ففي الدين لا إكراه.
وحرم فيه الظلم والعدوان والقتل بالاشتباه.
فكانت الرحمة تتحدر من وجه وألين من الحرير كفاه.
فدينه أوله رحمة وأوسطه رأفة والموعظة الحسنة منتهاه.
ألقى في النار امرأة بهرة حبستها وأدخل الجنة رجلاً لكلب سقاه.
وسئل عن امرأة صائمة معتكفة ولكنها تؤذي جيرانها بلسانها فقال النار مثواها وباءت بغضب الله.
أعطى المرأة حقوقها فبينها وبين الرجل مكاملة ومساماة.
لهن مثل الذي عليهن ومن بغى عليهن ففوقه الله، هنَّ عوانٍ عندكم وخيركم من خاف الله فيهنَّ واتقاه.
ما أجمل شهراً هو ربيع للقلوب جاءنا فيه نبيٌ هذا سمته وهداه.
وجه كالقمر ساطعٌ وألين من الحرير يداه.
تفجرت الرأفة من قلبه والحكمة من بين ثناياه.
ففي السماء قلبه وفي الأرض جسمه والخلق كلهم عنده عيال الله.
على الحب والود والرحمة والعفو ربى صحبه ورعايا.
فهذا الصديق رقيقٌ أسيفٌ يعلو بالقرآن نحيبه في الصلاة.
ويعلن أن الضعيف قويٌ عنده حتى يأخذ له الحق ممن ظلمه وعاداه.
وذاك الفاروق خاف النار إن لم يعبد الطريق لشاة.
وما زالت صرختُهُ في أُذنِ الزمنِ مدويةً متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتُهُم أحراراً آباه.
أما ذو النورين فها هو حبيسُ دارهِ وقد حاصَرهُ الغوغاءُ الغزاة.
فذكرَهم ببئرِ رومةَ وأنه سقى للناسِ المياه.
وأنه زوجُ الابنتينِ وأول من خطت القرآنَ يداه.
فبالله عليكم أيقتلُ عثمانُ ثم يكونُ قتلهُ باسمِ الله.
وذاكَ إمامُ الهدى وكهفُ التقى عليٌ من قالَ عنه رسول الله.
اللهم واليِ من والاه وعادِي من عاداه والذي دكت حصنَ خيبرَ يداه.
يقتلُ مظلوماً على يدِ خارجي فتبكيٍ جدرانُ المسجدِ وا محمداه وا علياه.
ليت الموتَ أعدمنا الحياة، فيصيح موقناً أن الشهيدَ في الجنة فرحٌ سعيدٌ فزتُ وا رباه.
ثم على العدلِ والإحسانِ رباهَم وعلى المساواة.
فالناسُ عِندَه كأسنانِ المشطِ فذاكَ بلال الأسود على ظهرِ الكعبةِ قدماه.
وصنع قادةً أبطالاً قالوا فلا نامت أعين الجبناء كخالد وسواه.
الذي قال عندما عزل من الإمارة أنا لا أقاتل من أجل عمر ولكن أقاتل من أجل من خلقه ورباه.
لا عجب وهو النبي الذي علمنا أن أفضل الناس عند الله من اتقاه.
جاءَهُ أسامةُ وقال يا رسولَ الله قَتَلتُ كافراً أتقى السيف بلا إلهَ إلا الله فقال: ويحكَ يا أسامةُ وماذا صنعتَ بلا إلهَ إلا الله ويحك يأسامةُ ومن صنيعَكَ أبرأُ إلى الله.
فمن قتلَ أو كفرَ أو فجَّرَ باسمه فمجرمةٌ وآثمةٌ يداه .
هذا نبيُنا وهذا دينُنُا فأكرم به من دينٍ وأنعماه.
فبربكم أينتسب له ولدينه من تلطخت بالدماء يداه.
فبربكم أينتسب له ولدينه من قتل في الوطن أخاه.
فبربكم أينتسب له ولدينه من كفر من خالفه الرأي وعاداه.
فبربكم أينتسب له ولدينه من خان وطنه واستجلب الصهاينة والغزاة.
فبربكم أينتسب له ولدينه من هجّر الناس من بيوتهم ودمر شبكات الكهرباء والمياه.
لقد قتلوا وفجروا وفخخوا ونحروا باسم الله وقالوا زوراً وبهتاناً نحن المجاهدون ونحن جند الله.
لعنوا وفسقوا وكفروا كل أهل المذاهب فخرجوا عن أمر الله (واعتصموا بحبل الله).
واليومَ يرتّدُ كيدهم في نحرهم ويتقاتلون فيما بينهم ومهما تكن مسمياتهم فهم جميعاً أعداء الله.
أحيوا الخوارج والأعراب وأدخلوا التكفير إلى بلادنا وقالوا إن الحكم إلا لله.
والله ما رأينا فيهم حمزة ولا خالداً ولا سعداً ولا طلحة بن عبيد الله بل سمتهم سمت أبي جهل وأبي لهب وعقبة والوليد وكل أعداء الله .
بدلوا العروبة بالأعراب والسنة بالوهابية والتدين بالخوارج وقالوا هذا دين الله فقال السوريون برئنا من مصطلحاتكم ونحن لا ننتسب إلا إلى سيدنا محمد بن عبد الله.
فقلب كُلِ سوريٍ أصبح مكلوماً من ما سمي ثورتَكم ويصيح وا رباه وا محمداه ليتكم عرفتم دين الله.
فحقدكم على دمشقَ وحلبُ واللاذقية وسواها شواهد على إجرامكم والقلب يصيح وا عدراه.
قتلوا المشايخ وخطفوا المطارنة فصاحت الكنائس والمساجد يا الله.
فالإسلام والمسيحية وشرائع الله بريئة منكم إلى يوم نلقاه.
وإن كانت امرأة صاحت في غابر التاريخ مستنجدة وا معتصماه.
فشعبكم اليوم يلتف حولكم مجدداً لكم بيعتة صائحاً وا بشاراه.
يرى في قيادتكم حقن الدماء وإعادة البناء وأن يحقق على يديكم مبتغاه.
وأن تحملوا شعلةَ النورِ وتكملوا طريقَ الإصلاح إلى منتهاه.
فإن اجتمعت أمم الأرض في جنيف وغيرها فلن يكون إلا ما يريده الشعب السوري ويرضاه.
أقول قولي هذا وأبتهل إلى الله أن يحفظ سورية وينصر جيشها الباسل ويرحم شهدائها ويشفي جرحاها ويحمي قائدها بجاه من اجتمعنا اليوم لذكراه .
والسلام عليكم ورحمة الله
- المشاهدات: 6